الصفحات

الأحد، 10 يوليو 2022

سوق العمل كهدف للعملية التعليمية!!

 سوق العمل كهدف للعملية التعليمية!!

شادي عمر الشربيني

  


  على رأس الأمور التي يتم تسويقها أنها الهدف الأول لتطوير التعليم، إن لم يعد يتم تقديمها كهدفه الأول والأخير، هو ربط العملية التعليمية بسوق العمل.

  وهذا الموضوع أثار انتباهي ولفت نظري، فتسألت ما هذا الاختزال المخل والمجنون للتعليم؟!! اختزال يعكس تمكن عقلية السوق ونفسيته من كل مستويات التفكير والتخطيط وترتيب الأوليات في مصر.

  هل يعني ذلك رفضي أن يضع التعليم في اعتباره سوق العمل ومتطلباته؟؟!!

  الإجابة قاطعة.. لا أحد يمكن أن يستبعد هذا الأمر أو يستنكره، لكن المسألة هي النظر في عملية ترتيب الأولويات ومفهوم الإنسان والمواطن في الدولة والمجتمع. أن يقدم التعليم شخص يمتلك من المهارات التقنية والفنية والادائية ما يجعله قادر على الاندماج السريع في سوق العمل وتلبية متطلباته في آن، أمر بالتأكيد لا خلاف عليه، ولكن قبل ذلك.. قبل ذلك تأتي أمور أهم بكثير تمثل رأس العملية التعليمية بل وقلبها وروحها، وهي في تقديري كالتالي:

1-           بناء شخصية سوية قادرة على التعامل الاجتماعي بشرف ونزاهة واحترام. تحب الناس وتحرص على مصالحهم وما فيه خير لهم بنفس حرصها على مصلحتها وخيرها المباشر.

2-           أن يهدف التعليم إلى يناء شخص منتمي لبلده وأمته، يعرف قضاياها وهموها، أعدائها وأصدقائها، معاركها ونضالاتها، ويدرك أهدافها القريبة والبعيدة، فيربط أهدافه الخاصة ومستقبله وتطلعاته بتلك الأهداف وبتطلعات أمته وطموحها.

3-           أن يمتلك أدوات التفكير ومناهجه الصحيحة، فيستطيع أن يفرز الجيد من السيء ويتخذ القرار السليم ويعلم ما يجب أن يتخذه في اعتباره وهو يصنع قراره وما يجب إهماله وتركه، ما يستطيع أن يؤثر فيه ويغيره، وما لا يجب إهدار وقت كبير في تعديله وتغييره.

4-           أن يكون ملم بالعلوم ومتشرب لمنطقها، فحتى ولو كان عمله واختياراته بعيدة عن العلم بتفرعاته وأدواته، إلا أن العقل العلمي هو الثمه الأساسية والأولى للفكر الحديث والمعاصر، وعبر العلم حققت وتحقق المجتمعات والدول والأمم بل والإنسانية كلها معظم طفرتها وتقدمها.

5-           اللغة.. التمكن من اللغة والحصيلة اللغوية وتذوق الأدب وفنون اللغة الأم، يقوي ثقة الإنسان بنفسه ويمكنه من القدرة على التعبير بل والتلقي، ويجعله أكثر رقيا وتحضرا وقدرة على التأثير الإيجابي والفعال في محيطه. والأكيد أن إضافة لغة أو أكثر للغة الأمم توسع من الثقافة وتعمقها وتمنح الشخص أدوات أكثر وأكبر وأسع للوصول إلى البيانات والمعلومات بل وتثري أيضا اللغة الأمم بالانفتاح وتناول ثقافات أخرى ذات عقليات وتجارب وذائقة مختلفة.

6-           الاعداد العقلي.. عملية التعليم يجب أن تهدف إلى غرس ورعاية عقلية النمو والتعليم المستمر والتجريب وعدم الخشية من الفشل، لأننا نتعلم من أخطاءنا ونكبر بتجاوزها وتصحيح المسار، والتطور والنمو والتقدم له أثمانه وأعباءه التي ندفعها بروح مملؤة بالأمل والتفاؤل والنظر إلى المستقبل وليس الانحصار في الماضي أو التعثر في الحاضر.


  هذا بعض نتاج عصفي الذهني بشأن الأهداف الأولى والرئيسية للعملية التعليمية، وبالتأكيد يمكن الإضافة لما سبق وتعديله وإحكامه بصيغ أقوى وبكلمات وعبارات أكثر وضوحا وتعبيرا، ولكنها كلها وأكثر منها بكثير يجب أن تكون له الأولوية في الهدف والتخطيط للعملية التعليمية، وتسبق بشكل حاسم ما يسمى بمنح المتخرج من تلك العملية أدوات الالتحاق بسوق العمل وتلبية متطلباته. فالراجح أن تحقيق الأهداف السابقة حتى بدون تحقيق الهدف المتعلق بسوق العمل هو في حد ذاته كفيل بجعل تلك المسألة ثانوية وفي متناول يد كل من يحقق ويتحقق فيه كل ما سبق من أهداف ولو بدرجات.

  كما أن سيادة الاقتصاد الخدمي والريعي والتابع في مصر، يحمل شبهة واسعة حول هدف ما يسمى بالتمكن من أدوات سوق العمل، فغالبًا نحن نقصد أدوات خاصة بالفندقة والتخديم والترفيه والسمسرة و/أو العمل في ذيل العملية الإنتاجية ومن موقع التابع والمنفذ لاستراتيجيات وخطط الخارج!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق